من أول من سعى بين الصفا والمروة
إنّ في الحج لحكم عظيمة نستخلصها من كافّة ما شرَّع الله لنا من شعائر وأركان فيه، وهي كثيرة ومتعددة ومنها: ركن الإحرام مع النية، وركن الوقوف بعرفة، وركن الطواف بالبيت، وركن السعي بين الصفا والمروة، ثُمّ ركن المبيت بمزدلفة، وسوف نتناول من خلال السطور التالية أصل السعي بين الصفا والمروة والحديث عن من أول من سعى بين الصفا والمروة، وكيفية أداء هذا الركن العظيم والحكمة منه.[1]
السعي بين الصفا والمروة
شرَّع الله السعي بين الصفا والمروة في العمرة والحج بدليل قوله تعالى:
{ إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا }[2]
والمقصود بالسعي لغوياً هو المشي أو العدو، أما الصفا فالمقصود به الصخرة الملساء، وهو مكان مرتفع في جبل أبي قبيس ومنه يبدأ السعي، بينما ينتهي عند المروة الذي يُقصد به الحجارة البيضاء البرَّاقة وهو جبل في مكة، أما المقصود بالسعي بين الصفا والمروة اصطلاحاً، فهو قطع المسافة الفاصلة بين الصفا والمروة في سبعة أشواط، ويقع الصفا في الطرف الجنوبي للمسعى، أما المروة فيقع في الطرف الشمالي من المسعى.[3]
أصل السعي بين الصفا والمروة
يعود أصل السعي بين هذين العلمين إلى السيدة هاجر عليها السلام التي ضربت مثلاً يُحتذى به في الامتثال لرب العزة؛ حينما قام سيدنا إبراهيم عليه السلام بتركها مع ولدهما سيدنا إسماعيل عليه السلام بوادٍ غير ذي زرع في مكة، وكانت تتناول التمر وتشرب الماء وتقوم بعد ذلك بإرضاع ولدها، ولكن بعد أن نفذ ما كان معها من طعام وماء، شعرت بالظمأ ورأت ما أصاب رضيعها من ظمأ، فقامت بالسعي سبع مرات بين الصفا والمروة بحثاً عن الماء، وهذا ما قام به رسول الله صلِّ الله عليه وسلم ونقتدي به عندما نقوم بأداء فريضة الحج.[4]
الحكمة من السعي
يتجلى في ركن السعي بين الصفا والمروة حِكم عظيمة تتمثل فيما يتضمنه هذا الركن من مظاهر التوحيد بالله عزّ وجل، والتذكير الدائم بالامتثال التام لأوامره والذي يظهر جليّاً في قصة سيدنا إبراهيم عليه السلام وزوجته السيدة هاجر عليها السلام؛ إذ إنّها عندما علمت من زوجها سيدنا إبراهيم عليه السلام أن من أمره بهذا هو رب العِزة، أيقنت بأن الله لن يضيعها، كما يتضح لنا من سعي السيدة هاجر للبحث عن الماء وجوب سعي المؤمن لطلب الرزق، ويجب أن يعلم أيضاً أنه بيد الله وحده وليس نِتاج سعيه.[5]
شروط ركن السعي بين الصفا والمروة
هُناك عدة شروط يختص بها كل رُكن من أركان الحج والعمرة، يجب أن يحرِص عليها المُسلم من أجل أن يتم حجه أو عُمرته على الوجه الصحيح، ومن هذه الشروط ما يلي:
-
يجب الطهارة من الحدثين الأصغر والأكبر؛ لأنّ الطواف مثل الصلاة باستثناء أن الكلام مُباح في الطواف.[6]
-
يجوز للمرأة السعي بين الصفا والمروة إن حاضت بعد الطواف.[6]
- لا يوجد دعاء مُحدد لمن يقف على الصفا والمروة، بل يجوز له الدعاء بما يُحب.[6]
-
يجب على المُسلم أن يؤدي رُكن الطواف قبل قيامه بأداء ركن السعي؛ عملاً بسُنة الحبيب المصطفى صلِّ الله عليه وسلم.[7]
-
لا يحِل السعي في مكان آخر غير الصفا والمروة على وجه الأرض ؛ إذ إنّ السعي من الشعائر التي أمر الله بها في الحج فقط.[1]